responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 264

إذا وعيت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن المنبع الأكبر للسخرية والاستهزاء والتحقير وغيرها هي توهم النفس أنها مركز الحقائق والقيم وأنها وحدها من يعطي للأشياء قيمها ومقاديرها.. لذلك تعظم ما تشاء، وتحقر ما تشاء.. وتكرم من تشاء.. وتسخر بمن تشاء.. من دون أي ضابط عقلي صحيح.

ويمكنك أن تفهم هذا المعنى من خلال الآية الكريمة التي نهت عن السخرية، والتي يقول الله تعالى فيها: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: 11]

فهذه الآية الكريمة لا تكتفي بتحريم السخرية وتوابعها وثمارها، بل تضم إلى ذلك المنبع النفسي لها، وهو توهم الساخر أنه خير من الذي يسخر منه، وبذلك يتيح لنفسه أن يحتقره ويستهزئ به وباسمه ولقبه، ليجعله مادة للضحك والتسلية.

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن الاستهزاء والسخرية قد يرتبط بالأشخاص والطوائف، أو بالحقائق والقيم، وقد يمتد إلى أي شيء في الكون، كما قال بعض الحكماء: (لا تحتقر أحدا ولا شيئا من خلق الله، فإن الله ما احتقره حين خلقه)

ولهذا ذكر الله تعالى الكلب عند ذكره لأهل الكهف، وذكر الحمار عند ذكره لعزير.. وذكر حديث النملة والهدهد وغيرها من الحيوانات التي سخر المشركون من ذكر القرآن الكريم لها.. وهو دليل على عدم معرفتهم بالله.. وإلا فإن كل شيء بالنسبة لله تعالى واحد.. فخلق السموات والأرض مثل خلق نملة وبعوضة.. كلها بأمر واحد، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [النحل: 40]، وقال: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ ك

 

نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين    جلد : 1  صفحه : 264
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست