ولهذا، فإن الصادق مع نفسه، الذي
يعلم أنه لا يمكنه أن يعرف مصيره ما دام في هذه الدنيا، يتعرض لاختباراتها، ولا
يعرف مرتبته عند الله، وهل هو من المرضي عنهم، أم من المغضوب عليهم، وهل سيصير إلى
الجنة أم إلى النار.. يبقى دائما محتاطا خائفا حذرا، ولهذا يتواضع لكل شيء.. لأنه يخاف
أن يحتقر شيئا، ثم يكون يوم القيامة فوقه.
ولهذا أخبر الله تعالى عن أولئك
الذين كانوا يسخرون من المؤمنين في الدنيا، أو من بعضهم، ويتوهمون أنهم في النار،
لكنهم يفاجؤون أنهم في الجنة، وأن النار التي كانوا يتوعدون بها غيرهم، صارت
منزلهم، كما قال تعالى عنهم: ﴿وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا
كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرَارِ (62) أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ
زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ ﴾ [ص: 62، 63]
وفي نفس الوقت ذكر أولئك المؤمنين
الذين تعرضوا لكل ألوان السخرية والاستهزاء في الدنيا، وكيف أنهم ﴿مِنَ
الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ (34) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (35) هَلْ ثُوِّبَ
الْكُفَّارُ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (36)﴾ [المطففين: 34 - 36]
ولهذا خاطب نوح عليه السلام قومه
الذين كانوا يسخرون من صنعه للسفينة،
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 267