وهو
الذي أخبر الله تعالى أنه من يمد الشجرة الخبيثة في النفس، ويملأ العالم بالصراع،
قال تعالى: ﴿وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ
مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ﴾ [إبراهيم: 26]
وبذلك
فإن اللسان أكبر دليل على الإنسان، فهو الذي يرفعه أو يخفضه، وهو الذي يكرمه أو
يهينه، كما قال تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ
بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾
[محمد: 30]
وقد
عبر الشاعر عن ذلك بقوله:
ولكم ترى من صامتٍ لك مُعجب
***
***
زيادته أم نقصه في التكلمِ
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده
***
***
فلم يبق إلا صورةُ اللحم والدمِ
وعبر عنه بعض الحكماء، فقال: (القلوب كالقدور تغلي بما فيها،
وألسنتها مغارفها، فانظر إلى الرجل حين يتكلم، فإن لسانه
يغترف لك مما في قلبه، حلو وحامض وعذب، وأجاج، وغير ذلك وَيُبَيِّن لك طعم قلبه
اغتراف لسانه)([361])
إذا
عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن لكل مرض من أمراض القلوب، إفرازاته
الخاصة باللسان، ولذلك كان علاج اللسان متوقفا على علاج مصادر الخبث التي تمده؛
فإن لم تعالج بقي الداء العضال.