نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 540
قال: ثمّ يجيء أحدهم فيقول: ما تركته
حتّى فرّقت بينه وبين امرأته. قال: فيدنيه منه ويقول: نعم أنت)([925])
ولذلك؛ فإن ما يميز أولياء الله عن
أولياء الشيطان هو التآلف والتنازع؛ فأولياء الله هم الساعون لتأليف القلوب ونشر
المحبة، وأولياء الشيطان هم الساعون لنشر البغضاء والفتنة والصراع.
وهم يشبهون في ذلك اليهود الذين عاصرهم
رسول الله a،
واستعملوا كل الوسائل للتفريق والفتنة، ومن الأمثلة على ذلك ما فعله شاس بن قيس ـ
وكان شيخاً يهودياً شديد الضغن على المسلمين ـ حيث مر على نفر من أصحاب رسول الله a من الأوس والخزرج في مجلس قد
جمعهم، يتحدثون، فغاظه ما رأى من ألفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم على الإسلام،
بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية، فقال: (قد اجتمع ملأ بني قَيْلَةَ
بهذه البلاد، لا والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار)، فأمر فتي شاباً
من يهود كان معه، فقال: (اعمد إليهم، فاجلس معهم، ثم اذكر يوم بُعَاث وما كان من
قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار)، ففعل، فتكلم القوم عند ذلك،
وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب فتقاولا، ثم قال أحدهما
لصاحبه: (إن شئتم رددناها الآن جَذَعَة)، يعني الاستعداد لإحياء الحرب الأهلية
التي كانت بينهم، وغضب الفريقان جميعاً، وقالوا: (قد فعلنا، موعدكم الحَرَّة.. السلاح
السلاح)، فخرجوا إليها، وكادت تنشب الحرب.
فبلغ ذلك رسول الله a، فخرج إليهم فيمن معه من
أصحابه المهاجرين حتى جاءهم فقال: (يا معشر المسلمين، الله الله، أبدعوى الجاهلية
وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم