نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 66
تواضعه وخضوعه لاختيار ربه، مثلما
حصل من إبليس، ومن أقوام الأنبياء الذي رفضوا الانصياع لهم.
ولذلك رد الله تعالى على المشركين
الذين رفضوا اختيار الله بقوله: ﴿وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ
وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ الله وَتَعَالَى عَمَّا
يُشْرِكُونَ﴾ [القصص: 68]، فقد اعتبر اعتقادهم بأن لهم الخيرة مع اختيار
الله نوعا من الشرك، وهو شرك النفس بالله.
ولا تحسبن هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ خاصا بأقوام الأنبياء، بل إن الله تعالى يبتلي كل عصر بما يظهر تواضعهم
أو كبرهم، حتى يتميز الصادقون في عبوديتهم من غيرهم، ولذلك اقتضت العبودية التواضع
لجميع المؤمنين خشية أن يكون فيهم أولئك المختارون، كما قال بعض الصالحين: (إن
الله أخفى أولياءه في عباده، فلا تدري من ولي الله ممن تلقاه ممن حولك.
بل إن الله تعالى جعل في شعائره
التعبدية ما يميز به بين الصادقين وغيرهم، وقد أشار الإمام علي إلى ذلك عند ذكره
للمكان الذي شاء الله أن يحج عباده إليه، فقال: (أ لا ترون أن الله سبحانه اختبر
الأوّلين من لدن آدم (صلوات الله عليه) إلى الآخرين من هذا العالم، بأحجار لا تضرّ
ولا تنفع، ولا تبصر ولا تسمع، فجعلها بيته الحرام، الّذي جعله للناس قياما. ثمّ
وضعه بأوعر بقاع الأرض حجرا، وأقلّ نتائق الدّنيا مدرا، وأضيق بطون الأودية قطرا،
بين جبال خشنة، ورمال دمثة، وعيون وشلة، وقرى منقطعة، لا يزكو بها خفّ، ولا حافر
ولا ظلف. ثمّ أمر آدم عليه السّلام وولده، أن يثنوا أعطافهم نحوه، فصار مثابة
لمنتجع أسفارهم، وغاية لملقى رحالهم، تهوي إليه ثمار الأفئدة، من مفاوز قفار
سحيقة، ومهاوي فجاج عميقة، وجزائر بحار منقطعة، حتّى يهزّوا مناكبهم ذللا، يهلّلون
للّه حوله، ويرملون على أقدامهم شعثا غبرا له. قد نبذوا السّرابيل وراء ظهورهم،
وشوّهوا بإعفاء الشّعور
نام کتاب : مثالب النفس الأمارة نویسنده : أبو لحية، نور الدين جلد : 1 صفحه : 66