قال: إذا اعتديت على حقوق أصحاب
الحقوق ظلمتهم، والظلم منبع الرذائل، وإذا سلمتها لهم كاملة غير منقوصة عدلت،
والعدل أصل الفضائل.
قلت: ولكن الأخلاق كثيرة، وما العدل
إلا واحد منها، بل إن الفضل والإيثار أعظم من العدل نفسه.
قال: ولكن العدل هو البذرة التي
ينبت منها الفضل والإيثار، كما تنبت منها جميع الفضائل.
قلت: فسر لي ذلك.
قال: الإنسان محاط بمجموعة من
العلاقات، وكل علاقة تتطلب سلوكا معينا، وحقوقا معينة، فمن قصر في حق طائفة من
الطوائف وقع في الجور، ومن وقع في الجور لا يستقيم أمره إلا بالرجوع إلى العدل.
قلت: ولكني لم أر للعدل في النصوص
هذه المكانة التي تتحدث عنها.
قال: ألم يجعل الله الاستقامة هي
مبتغى آمال السالكين، فقال تعالى:﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ
الْمُسْتَقِيمَ﴾
(الفاتحة:6)،
وأخبر عن غيرهم، فقال:﴿ وَإِنَّ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ عَنِ
الصِّرَاطِ لَنَاكِبُونَ﴾ (المؤمنون:74)