قال: من كان لديه سهل واسع، لا حد
لاتساعه، ولديه من القوى، وفي أرضه من منابع الماء ما يكفي لاستغلال ذلك السهل
جميعا، لكنه لم يستغل إلا جزءا من ألف ألف جزء منه، ثم راح يشكو الجوع والفاقة،
أيعذر في شكواه؟
قلت: كلا، فشكواه لا ترجع إلا إليه،
وأحرى به أن يشكو نفسه لا أن يشكو السهل والماء.
قال: فكذلك ما يحث عليه التطوير،
فإنه يذكرك بالطاقات التي يختزنها الكون المسخر لتستغلها فتقضي على كل عجز، وتقتل
كل فقر، وتسد كل فاقة، وحينذاك لن تطعم جوعك فقط، بل تطعم جوعك وجوع الآلاف من
أمثالك، فتتخلق بصفة الرزاق، ويكون تخلقك مفتاحا من مفاتيح القرب.
قلت: إن من قومي من لا يكفيهم مثل
هذا الكلام، بل يحتاجون من الأدلة ما ينير لهم الطريق، ويوضح لهم السبل.
قال: لن يعجزك البحث عن أدلة هذا،
فالنصوص متظافرة عليه، ألم يكن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم يخطب على جذع نخلة في المدينة، فلما كثر المسلمون واستقر لهم الأمر،
استدعى نجارا روميا، فصنع له منبراً من ثلاث درجات، فكان يخطب عليه؟
قلت: بلى.
قال: فهذا تطوير في المرافق
تطلبته الحاجة التي لا يكفي للوفاء بها المنبر القديم .. وفي استعمال النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم للنجار الرومي دليل على أن مثل هذه
الخبرات ينبغي أن يستفاد فيها بكل من له طاقة ومعرفة بغض النظر عن جنسه ودينه.