قال: ألا تمد بالعون من نطق لسان حاله بالحاجة مع صلاحه
وعفافه؟
قلت: لم أفهم هذا.
قال: إذا سألك مسكين ألا تعطيه؟
قلت: بلى.. وهذا هو الركن الأول.
قال: فإذا رأيت فقيرا طيبا عفيفا استحيا من مد يده.. ألا
تعطيه؟
قلت: بل أقدمه على السائل.
قال: لم؟
قلت: الله تعالى هو الذي أمرنا بذلك، فقد قال تعالى:﴿ لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ
أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ
يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ
لا يَسْأَلونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ
بِهِ عَلِيمٌ﴾ (البقرة:273)
قال: فكذلك من عرف بسيما الصلاح كان الله في عونه، سأل، أو
لم يسأل.
الدعاء
اقتربنا من الباب الأول من أبواب الاستعانة بالله، وقد كتب
عليه بحروف من نور قوله تعالى:﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ (البقرة:186)
فقال لي المعلم: أول مفتاح من مفاتيح الاستعانة بالله هو
الدعاء، فبه تطرق أبواب الجود، وتمد أيدي العون، وترسل أمداد الإغاثة.
قلت: ما سر أمر الله لنا بالدعاء، مع كونه لا يتضمن إلا
مصالحنا، وهي من الفطرية بحيث لا تحتاج إلى الإلحاح في طلبها؟
قال: هذا سر من أسرار كرم الله.. فالكريم ليس من أعطاك بعد
أن تسأله، وإنما الكريم هو الذي يسألك أن تسأله.