زيادة على ذلك، فإن الإنسان في مواقف الغفلة قد يدعو دون
نظر لعواقب ما يدعو، ومما دعا به المشركون كما نص القرآن الكريم:﴿
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا
حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (لأنفال:32)
بل قد يدعو المؤمن في موقف من مواقف الغفلة أو الضجر،
فيلعن نفسه وأهله وولده وماله، ولو استجيب له في الشر كما يستجاب له في الخير
لهلك، ولهذا قال a:
( لا تدعوا على
أنفسكم ولا على أموالكم أن توافقوا من اللّه ساعة إجابة يستجيب فيها)[1]
وإلى هذا المعنى يشير العارفون ـ كما يعبر على لسانهم ابن
عطاء الله ـ بقوله: (لا
يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ الإلْحاح في الدّعَاءِ موجبَاً ليأسِك؛ فهو
ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ لكَ، لا فيما تختاره لنَفْسكَ وفي الوقْتِ
الذي يريدُ، لا في الوقْت الذي تُريدُ)
وإلى ذلك أشار في الحكمة الأخرى بقوله: (ربما منعك فأعطاك
وربما أعطاك فمنعك)
بل ذلك ما يدل عليه قوله تعالى:﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا
شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ
وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ (البقرة:216)
قال الراقي الثاني: أما الرقية الثانية، فهي أن الدعاء قد
يكون مجابا، ولكنه ينتظر الحين الذي يبرز فيه، وتكون الرحمة في ذلك التأجيل.
وإلى هذا أشارت الحكمة السابقة: (لا يكُنْ تَأخُّرُ أَمَد العَطاء مَعَ
الإلْحاح في الدّعَاءِ موجبَاً ليأسِك؛ فهو ضَمِنَ لَكَ الإجابَةَ فيما يختارُهُ
لكَ، لا فيما تختاره لنَفْسكَ وفي الوقْتِ الذي يريدُ، لا في الوقْت الذي تُريدُ)
وقد روي في الآثار أن موسى u حين دعا على قوم فرعون فقال:﴿
رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ