دخلنا الحصن الرابع من حصون الروح.. كان مهيبا مخيفا.. لست
أدري كيف شعرت بقشعريرة تسري في أوصالي.. كنت أتشبث بمعلم السلام، وكأني لا أتشبث
بشيء.. خالطني رعب لست أدري ما سببه.. قف شعري.. اختلطت في خيالي صور كثيرة
مرعبة.. وزاد من رعبي انطفاء الأضواء وامتلاء القاعة بظلمة شديدة.. فازداد رعبي.
فجأة لاحت أنوار عظيمة بددت مخاوفي، كانت الأنوار تكتب
بحروف من نور سورة الفلق.
ضحكت مع نفسي، وقلت: عجبا لك يا نفس.. كيف تخافين.. وسورة
الفلق موجودة !؟
قال: لقد عرفت سر هذا الحصن.
قلت: ما عرفت.. لم أر شيئا بعد.. إن هو إلا رعب بسيط سرى
في أوصالي.. ولكني بحمد الله وجدت الحصن الذي أتحصن به.
قال: ما وجدت؟
قلت: الله.. فالله رب كل شيء.. وما دام كذلك فلم أخاف؟..
ومن أخاف؟.. ألم يقل الله تعالى وهو يعلمنا التحصن به:﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ
الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ﴾ (الفلق:2)؟
قال: ما دمت قد علمت هذا.. فاعلم أن هذا الحصن الذي تمثله
سورة الفلق يحفظك من كل الأعداء ما يختفون، وما يبرزون.
قلت: عرفت الأعداء الظاهرين، فمن الأعداء المتسترين بستار
الغيب؟
قال: كثيرون.. وهم يتربصون بك.. وما وجدته من وحشة كان
نوعا من تلك الأنواع المتسترة.
قلت: فاذكر لي ما ورد في النصوص من هؤلاء الأعداء لأتقيهم.