قلت: فبم يبدأ البرنامج التربوي الذي يمارسه هذا الراقي؟
قال: بربطهم بالله.. واسمع إلى هذا الراقي، وهو يخاطب
مرضاه.
اجتمع المرضى حول ذلك الراقي، فراح يخاطبهم بقوله:.. أول
ما يطهرنا به القرآن الكريم من الانحرافات العقدية المرتبطة بالعوالم الغيبية حصر
تدبير الكون في الله تعالى إجمالا وتفصيلا، فالله تعالى هو المتصرف الواحد في
الكون لا ينازع في تصريفه، فهو الذي يرسل الرياح وينزل المطر ويحيي ويميت ويخفض
ويرفع ويبسط ويقبض ويعطي ويمنع وكل ما حدث في الكون أو يحدث فبإذنه وتقديره
وتصريفه وفعله، فالله في القرآن الكريم ليس منعزلا كإله أرسطو المنشغل بكماله عن
غيره، وليس كآلهة اليونان المنعزلة في جبال الألب، بل هو متصرف حاضر ﴿ مَا
يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ
سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ
مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ
اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ (المجادلة:7)
قلت: يشير إلى كل هذه المعاني اسمه تعالى[القيوم]،فهو
القائم بنفسه المقيم لغيره، فلا قيام لشيء إلا بإقامته تعالى.
قال: ولأجل هذا كانت آية الكرسي من الآيات التي ورد في
الأحاديث اعتبارها من الاستعاذات النافعة لما تحتوي عليه من التنبيه لقيومية الله
تعالى لكل شيء فهو ﴿ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ
لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ
مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ
أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا
بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ﴾ (البقرة:255)
قال الراقي، وكأنه كان يسمعنا: فالتالي لهذه الآية
المستغرق في معانيها يرى كل شيء من العرش إلى الفرش لا يملك شيئا ولا يقد ر على
شيء ويحتاج إلى الله في كل شيء، وهو