تركنا ذلك الحصن بعد طول مكثنا فيه، وقد رأيت على المرضى
في قاعة العلاج البديل ارتياحا عظيما، وأنوارا تسري في وجوههم تحطم تلك الكآبة
والسوداوية التي ملأهم بها الرقاة.
سألت أحد المرضى: ما حالك؟.. كيف تجد نفسك؟
قال: بحمد الله.. لقد كانت الوساوس تطاردني.. كانت
العفاريت التي ملأ الرقاة عقلي بها تزاحمني وجودي.. تحطم حياتي.. أما اليوم فقد
عرفت الله.
قلت: فماذا أفادتك معرفته؟
قال: نسخت كل تلك الظلمات.. وحطمت كل تلك الأساطير.. وأنا
الآن أعيش في سعادة عميقة.
قلت: ما هو وردك؟
قال: ما حض عليه رسول الله a من أذكار، فأنا أسبح الله
وأحمده وأكبره..
قلت: فما كان وردك؟
قال: الاستعاذة من الجن والعفاريت والمردة.. حتى أني كنت
إذا قرأت القرآن الكريم لا أقرؤه لوجه الله، وإنما أقرؤه لأطرد العفاريت.
ثم تركني، وانصرف، وهو يسبح الله.. أما الشيطان.. فقد سلك
فجا غير فجه، وقد عض أصابعه من الندم.. أما الرقاة.. فقد ضاع زبون من زبائنهم،
ويوشك أن يضيع جميع زبائنهم.. وما ذلك على الله بعزيز.