الجن أو الالتجاء إليه أو الشعور بقوة تأثيره، قال تعالى
على لسان الجن:﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْأِنْسِ يَعُوذُونَ
بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً﴾ (الجـن:6)
ولهذا جاءت الآيات الكثيرة تخبر عن عدم تسلط الجن أو
الشياطين على المؤمنين الذين يتوكلون على ربهم ويلوذون بحفظه، قال تعالى:﴿ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ
عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ﴾ (الحجر:42)، وقال تعالى:﴿ إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ (النحل:99)، وقال تعالى:﴿ وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ
سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي
شَكٍّ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ﴾ (سـبأ:21)
وقد حكي عن بعض الصالحين أنه قال لتلميذه: ما تصنع
بالشيطان إذا سول لك الخطايا؟ قال: أجاهده. قال: فإن عاد؟ قال:أجاهده. قال: فإن
عاد؟ قال: أجاهده. قال: هذا يطول، أرأيت لو مررت بغنم فنبحك كلبها ومنع من العبور
ما تصنع؟ قال: أكابده وأرده جهدي. قال: هذا يطول عليك، ولكن استغث بصاحب الغنم
يكفه عنك.
قلت: ألهذا ورد النهي عن تعظيم الشيطان والجن بنسبة
المصائب والنكبات إليها؟
قال الراقي: أجل.. لأن ذلك مما يعظمها في نفس الإنسان،
وكلما عظم الإنسان شيئا كلما أزال من نفسه من الشعور بعظمة الله بحسبه فنهى النبي a عن كل
مظهر ينم عن هذا التعظيم ولو كان في صيغة سب، قال بعض الصحابة : (كنت رديف النبي a فعثرت دابة فقلت: تعس
الشيطان، فقال: لا تقل تعس الشيطان، فإنك إذا قلت ذلك تعاظم حتى يكون مثل البيت
ويقول: بقوتي ولكن، قل: بسم الله، فإنك إذا قلت ذلك تصاغر حتى يكون مثل الذباب)[1]
فالنبي a نهاه أن يعظم الشيطان ولو بنسبة تعثر الدابة إليه، فكيف
بمن يجعله متصرفا