قال: أجل.. فهو الذي يجعل من الشيطان إلها قائما بذاته
يتحدى الله سبحانه وتعالى مع أنه ليس إلا جنديا بسيطا ومتواضعا من جنود الله خلقه
الله ليقوم بعكس الدور الذي تقوم به الملائكة، فهو لا يتحدى الألوهية وإنما يطبق
إرادتها وينفذ مشيئتها ليتم الاختبار.
قلت: ما هذا القول الخطير؟
قال: كونه جنديا لله لا يحمل أي صفة مدح، لأن كل شيء جندي
لله يفعل ما يراد منه وقد يذم على فعله أو يحمد وقد يعاقب أو يجازى ﴿
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً﴾
(الفتح:7)﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾(المدثر:31)
قلت: فتعظيم الشيطان نوع من الشرك إذن؟
قال: أجل.. ولهذا اعتبر القرآن الكريم من أعطوا الجن من
السلطات ما ليس لهم أو وضعوهم كمدبرين ومؤثرين بذواتهم في الكون مشركين بذلك
التعظيم، قال تعالى:﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ
وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا
يَصِفُونَ﴾ (الأنعام:100)
وقد أخبرت الملائكة ـ عليهم السلام ـ أن أكثر البشر كانوا
يعبدون الجن ويشركونهم بالله، ومن أساليب العبودية التعظيم والخوف والذي لا يقتصر
على المشركين من عرب الجاهلية فقط، قال تعالى:﴿ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ
وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ
مُؤْمِنُونَ﴾ (سـبأ:41)
صاح مريض آخر: يا حكيم.. فهمنا ما قلت.. ولكن لم سلط الله
علينا الشياطين يسوموننا الخسف.. ويضطرونا إلى هؤلاء المشعوذين؟
قال الراقي: إن تأثير الجن على الإنسان بحسب قابليته
واستعداده، وتلك القابلية تتجلى في الشعور بالضعف والقصور أمامه، ولهذا كان الرهق
وهو كل معاناة وأذى بسبب الخوف من