دخلنا القاعة الثانية، وقد
كتب على بابها قوله تعالى:﴿ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ
الْبَصِيرُ﴾ (غافر:56)
قلت: أهذه قاعة الاستعاذة
من الشياطين؟
قال: هذه القاعة تعلم فيها
الاستعاذة بجميع أنواعها.. والشياطين من أنواع المستعاذ منهم.
قلت: ولكن القرآن الكريم
ذكر الاستعاذة من الشياطين في مواضع منه، فالله تعالى يقول:﴿ وَإِمَّا
يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ
عَلِيمٌ﴾ (لأعراف:200)، وهو يقول:﴿ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ (النحل:98)، وهو
يقول:﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ
بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ (فصلت:36)
قال: لقد ذكر الله تعالى أن
الشيطان من أخطر أعداء الإنسان، فلذلك وردت هذه النصوص في التشديد بالأمر
بالاستعاذة منه.. ولكنها لا تعني الحصر.. فقد ورد في النصوص الكثير من الاستعاذات،
ألم تسمع قول موسى u:﴿
أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ (البقرة:67)،وقول نوح u:﴿ رَبِّ إِنِّي
أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي
وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ (هود:47)، وقول مريم ـ عليها
السلام ـ:﴿ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيّاً﴾
(مريم:18).. ألم تسمع المعوذتين؟
قلت: بلى..
قال: ومثله النصوص
الكثيرة.. وهي تملأ الصدر انشراحا، والقلب راحة.
قلت: ألهذه الاستعاذات
تأثير نفسي على قائلها؟
قال: أجل.. زيادة على
التأثير الغيبي.. فالكثير قد يحزن، ويمتلئ قلبه كآبة لأجل أمور بسيطة، كرؤيا يؤرقه
تذكرها، ولهذا كان a يعلم أمته كيف تتحصن بحصن
الله من الرؤى التي