قال: لقد جعل الله البلاء الذي حل بيونس u مؤدبا له، وزاجرا عما وقع
فيه.
قلت: فيمكن لهذا الاستشهاد بما وقع لآدم u من أكله من الشجرة بعد أن نهي
عنها.
قال: أجل.. فقد ابتلي ليؤدب أمام أوامر ربه، وليعرف مدى
عداوة الشيطان له، فكان ظاهر بلائه نقمة، وباطنه رحمة، قال تعالى:﴿ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ
بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ
الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾
(لأعراف:22)
قلت: ولكنه ـ مع ذلك ـ وللأسف ـ خرج من الجنة.
قال: من أكبر نعم الله على آدم u أنه خرج من الجنة.
قلت: ما هذا ـ يا معلم ـ أكانت الجنة نارا حتى يكون خروجه
منها نعمة؟
قال: لم تكن نارا، ولكن سكونه إليها هو النار.. لقد انقلب
آدم u
بعد خروجه من الجنة شخصا آخر.
قلت: كيف.. فآدم الذي دخل الجنة، هو آدم الذي خرج منها.
قال: ولكنه ـ عندما خرج منها بأسياف البلاء ـ تحقق فيه ما
أريد منه من منصب الخلافة العظيم الذي خلق له.
قلت: لقد ذكرتني بكلام لبعضهم على لسان الحضرة الإلهية
يقول فيه مخاطبا آدم u: (يا آدم لا تجزع من قولي لك:﴿ اهْبِطُوا
بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ﴾ (لأعراف:24)، فلك ولصالح ذريتك خلقتها.. يا
آدم كنت تدخل علي دخول الملوك على الملوك، واليوم تدخل علي دخول العبيد على
الملوك.. يا آدم لا تجزع من قولي لك:﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً
وَهُوَ خَيْرٌ لَكُم﴾ (البقرة:216)) [1]