لم يتصور منه الشكر لأن الشكر يتبع معرفة النعمة بالضرورة ومن لا يؤمن بأن ثواب المصيبة أكبر من المصيبة لم يتصور منه الشكر على المصيبة)[1]
نعمة المعاينة:
قلت: فما نعمة المعاينة؟
قال: هي نعمة رؤية الله لموقف عبده، ومعاينته لصبره ورضاه.
قلت: الله يرى الكل، ويعاين الكل، فإنه ﴿ لا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّمَاءِ﴾ (آل عمران:5)، فما وجه الاختصاص في هذه النعمة؟
قال: الله يرى الكل.. ولكن لا يشعر برؤيته إلا خواص الخواص.
قلت: من هم؟
قال: الذين رفع الله عن أعينهم الغشاوة، وعن قلوبهم الحجب.
قلت: فما يفيدهم استشعار رؤية الله لهم؟
قال: الأنس الذي يقضي على بلائهم.
قلت: هم يأنسون بالله دائما.. فما علاقة ذلك بالألم والبلاء؟
قال: ألم يبتلهم الله لينظر كيف يعملون؟
قلت: بلى، فقد قال تعالى:﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (التوبة:105)
قال: أليس الثبات في وجه البلاء بالأنس بالله عملا من الأعمال الصالحة؟
قلت: بلى.. بل هو من أعظم الأعمال الصالحة، ولذلك ينزل الله البلاء على عبده بحسب درجة إيمانه.
[1] إحياء علوم الدين: 4/130.