قال: فإذا شعرت بأن الله الذي ابتلاك ينظر إليك ألا تتقن
عملك؟
قلت: تقصد إتقان موقفي مع البلاء.
قال: أجل.
قلت: نعم، فشعوري برؤية الله لي لا يزيدني أنسا فقط، بل
أشعر بشعور لست أدري مدى صحته.
قال: وما تشعر؟
قلت: ممارسو الرياضات عندنا يستقدمون مشجعيهم، فلذلك كلما
كثر مشجعوهم كلما زاد ذلك من حماستهم، فشعوري برؤية الله يعطيني نوعا من هذه
القوة.
قال: هذا صحيح.. ولو أن الله أعظم من كل المتفرجين..
قلت: أجل، فلله المثل الأعلى.
قال: لقد دلت النصوص هذا المعنى، فالله تعالى يقول لنوح u وهو يواجه أعظم المصائب والضغوط من قومه حين صنعه للفلك:﴿
وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا ﴾ (هود:37)
قلت: لا شك أن هذه الكلمة كان لها أثرا خطيرا في نفس نوح u.
قال: أجل.. وقد قيل مثلها لرسول الله a، فقد قال الله تعالى له، وهو
في مواقف لا تقل عن موقف نوح u:﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ
بِأَعْيُنِنَا ﴾
(الطور:48)
قلت: لقد ذكرتني بسيّد الشهداء الحسين بن علي ، فقد قال
بعد أن تفاقم الخطب أمامه في كربلاء، واستشهد أصحابه وأهل بيته: (هون علي ما نَزَلَ
بِي أَنهُ بِعَيْنِ اللهِ)
قال: ولهذا اعتبر a الإحسان الذي هو قمة الأعمال الصالحة،
أو أداء الأعمال بأحسن الكيفيات متعلقا بالشعور برؤية الله سواء كان رؤية معاينة
أو رؤية مراقبة.
قلت: ولكن هذه النعمة ـ يا معلم ـ مختصة بالمحسنين، وهذا
المستشفى يداوي عموم الناس، فكيف يعطى لهم مثل هذا الدواء الذي قد لا يستسيغونه؟