وفي حديث آخر، قال a: (يؤتى بالشهيد يوم القيامة، فينصب
للحساب، ويؤتى بالمتصدق، فينصب للحساب، ثم يؤتى بأهل البلاء، فلا ينصب لهم ميزان
ولا ينشر لهم ديوان، ويصب عليهم الأجر صبا، حتى إن أهل العافية ليتمنون في الموقف
أن أجسادهم قرضت بالمقاريض، من حسن ثواب الله لهم)[2]
قلت: هذه بشارة عظيمة ترفع المبتلى إلى درجات تفوق درجات
الشهداء والمتصدقين.
قال: ليس ذلك على الله بعزيز، فإن من المبتلين من يموت في
اليوم مائة مرة، بينما الشهيد لا يموت إلا مرة واحدة[3].
قلت: أهذا احتقار للشهادة؟
قال: لولا عظمة الشهادة ما ذكرها رسول الله a في هذا الموقف.
قلت: فما سر هذا الجزاء؟
قال: ألم نعلم أن البلاء الذي يقع على المؤمن المحتسب
يطهره من ذنوبه.
قلت: عرفنا ذلك عند معاينة نعمة التطهير.
قال: فلذلك إن عظم البلاء، وصبر عليه المبتلى، لقي الله
وليس عليه ذنب يحاسبه عليه.
قلت: لقد روي في هذا عن أنس قال دخلت مع النبي a نعود زيد بن أرقم وهو يشتكي
عينيه فقال له: (يا زيد، لو كان بصرك لما به كيف كنت تصنع؟)، قال: (إذا أصبر وأحتسب)،