قال: للمرض أربعة
أحوال: ابتداء، وصعود، وانتهاء، وانحطاط.. فالمرض لا يخلو من هذه الأحوال الأربع.
قالوا: فما فائدة
التعرف عليها.
قال: هي فائدة
جليلة.. فعلى الطبيب مراعاةُ كل حال من أحوال المرض بما يُناسبها ويليق بها،
ويستعمِلُ فى كل حال ما يجبُ استعمالُه فيها.
قالوا: فاضرب لنا
على ذلك مثلا..
قال: إذا رأى الطبيب
في ابتداء المرض أنَّ الطبيعة محتاجة إلى ما يُحَرِّك الفضلات، ويستفرِغُها
لنضجها، بادر إليه، فإن فاته تحريك الطبيعة فى ابتداء المرض لعائق منع من ذلك، أو
لضعف القوة وعدم احتمالها للاستفراغ، أو لبرودة الفصل، أو لتفريط وقع، فينبغى أن
يَحْذَرَ كل الحَذرِ أن يفعل ذلك فى صعود المرض، لأنه إن فعله، تحيَّرت الطبيعة
لاشتغالها بالدواء، وتخلَّت عن تدبير المرض ومقاومته بالكلية.
قالوا: وضح لنا ما
تريد.. فلكل قوم لسانهم.
قال: أقصد تشجيع
المقاومة الذاتية في ابتداء المرض.. فإن كان المرض شديدا احتاج إلى استعمال
الدواء.. ولم تجد المقاومة لضعف الجسم وقوة المرض.. ومثل ذلك مثل أن يجىءَ إلى
فارس مشغول بمواقعة عدوه، فيشغله عنه بأمر آخر، ولكن الواجب فى هذه الحال أن يُعين
الطبيعة على حفظ القوة ما أمكنه.
فإذا انتهى المرض
ووقف وسكن، أخذ فى استفراغه، واستئصال أسبابه، فإذا أخذ فى الانحطاط، كان أولى
بذلك.