قال: هو مطعم يعتمد
على ما تعرفونه من العناصر والمركبات.
قلت: إذن هو مطعم
عصري.
قال: أجل.. ولكنه
يحمل لباس أسلافه.
القوى
والأخلاط
دخلت المطعم الأول من مطاعم الشفاء.. فرأيت قوما يلبسون ثيابا عتيقة،
ويحملون أسفارا ضخمة.
اقتربت منهم، وهمست في أذن أحدهم قائلا: هل أنت طبيب؟.. فإني أريد أن
أسألك سؤالا له علاقة بالطب؟
فانتفض كانتفاضة العصفور قائلا: ألي تقول هذا؟.. وكيف يؤذن لي أن
أدخل هذا القسم إن لم أكن طبيبا؟.. ثم كيف لا تعرفني؟.. فأنا أبو بكر محمد بن
زكريا الرازي[1].
[1] هو أبو بكر الرازي، من
علماء القرن الثالث الهجري، اشتهر بالطب والكيمياء، ولد في مدينة الري جنوبي طهران
بفارس، واشتهر بعلوم الطب والكيمياء، وكان يجمع بينهما لدى وضع الدواء المناسب لكل
داء. ويعتبره المؤرخون من أعظم أطباء القرون الوسطى، فقد جاء في كتاب الفهرست: كان
الرازي أوحد دهره، وفريد عصره، وقد جمع المعرفة بعلوم القدماء، سيما الطب.
وقد
ترك عدداً كبيراً من المؤلفات، ضاع قسم كبير منها. فمن مؤلفاته المعروفة (الطب
الروحاني)، ثم كتاب (سر الأسرار)، أما كتاب (الحاوي) فهو من أعظم كتب الطب التي
ألفها، ومن المؤلفات الأخرى (الأسرار في الكيمياء) الذي كان مرجعاً في مدارس
أوروبا مدة طويلة، وكتاب في (الحصبة والجدري) الذي عرض فيه أعراض المرضين والتفرقة
بينهما، كما له (كتاب من لا يحضره طبيب) المعروف باسم (طب الفقراء) وفيه شرح الطرق
المعالجة في غياب الطبيب منا يعدد الأدوية المنتشرة التي يمكن الحصول عليها
بسهولة... وقد أربت مؤلفاته على المائتين وعشرين مخطوطة.
وقد
سلك في أبحاثه مسلكاً علمياً، فأجرى التجارب واستخدم الرصد والتتبع، مما أعطى
تجاربه الكيميائية قيمة خاصة، حتى إن بعض علماء الغرب اليوم يعتبرون الرازي مؤسس
الكيمياء الحديثة. وقد طبق معلوماته الكيميائية في حقل الطب، واستخدم الأجهزة
وصنعها.