قصدت القاعة الثالثة
من القاعات التي يناقش فيها أهل الحل والعقد في (مصانع الشفاء) ضوابط استعمال
الأدوية الكيميائة، فقرأت لافتة مكتوبا عليها قوله تعالى: ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ أَلَّا
تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ﴾ (الرحمن:7 ـ 8)
سمعت أحدهم يقول: لا
يكفي أن ننكر أو نقر.. بل لا بد من وضع موازين تضبط التعامل مع هذه الأدوية التي
مزجت بين كونها ترياقا، وكونها سموما.
قالوا: ما تقصد
بذلك؟
قال: لقد قسم
الفقهاء الأشياء إلى ثلاث حالات: أما الأولى، فهي أن يكون فيها ضرر محض ولا نفع
فيها البتة، والثانية أن يكون فيها نفع محض، ولا ضرر فيها أصلًا، والثالثة: أن
يكون فيها نفع من جهة وضرر من جهة.
أما الضرر المحض،
فلا شك في حرمته لقوله تعالى: ﴿ وَلا تُلْقُوا
بِأَيْدِيكُمْ إلى التَّهْلُكَةِ ﴾ (البقرة:195)، وقوله a: (لا ضرر ولا ضرار)
وأما المنفعة
المحضة، فلا شك في إباحتها.
قالوا: والضرر
المختلط بالنفع؟
قال: يوازن بينهما..
فإن كان الضرر أشد أفتي بالحرمة.. وإن كان أقل أفتي بالجواز المضبوط بضوابط الضرورة.
قالوا: فكيف نطبق
هذا على الأدوية المصنعة؟
قال: هذا يطبق على
الصانع، وعلى الطبيب،وعلى المريض.
قالوا: فصل ذلك.
قال: لقد كنت في أرض
الصراع، فوجدت العجب العجاب.. لقد رأيت الجميع يتنافسون في زرع ابتسامة لحظية على
فم المريض ليستلوا ما في جيبه، فإذا ما عاد الألم عادوا، واستلوا ما في جيبه مقابل
ابتسامة أخرى.. وهكذا.