قال أبقراط: وهل قدمتم من المريخ.. أنتم من الأرض، فكيف تجهلون أهل
الأرض؟
قلت: فما به هذا القانون الذي ألفه ابن سينا؟
قال أبقراط: لقد قال فيه نظامي عروض السمرقندي، في كتابه (جهاز مقالة)
الذي ألفه حوالي 550 هـ. بعد وفاة الشيخ الرئيس بأكثر من قرن، بعد أن يذكر المراجع
التي على الطبيب أن يدرسها، وهي لكبار أطباء الإسلام قبل ابن سينا، يقول:(فاذا
أراد الاستغناء عن هذه الكتب كلها فقد يكتفي بالقانون، فإن سيد الكونين وامام
الثقلين a يقول:(كل الصيد فى جوف الفرا)[1]، فكل ما ذكرت موجود في القانون،
مع زيادات كثيرة، وكل من يحيط علما بما في المجلد الأول[2] من القانون لايخفي عليه شيء من
أصول علم الطب وكلياته)
ثم يقول عني وعن جالينوس:(ولو بعث أبقراط وجالينوس إلى الحياة لحق
لهما أن يسجدا لهذا الكتاب)
قلت: أتذكر هذا الكلام وتفخر به؟
قال أبقراط: وكيف لا أفتخر به.. وهل يحزن العالم إن غلبه تلميذه.
قلت: صدقت.. وأحسنت.. فعهدي بك صاحب خلق.
قال أبقراط: لا يصح أن يكون الطبيب طبيبا إلا إذا كان صاحب خلق، ألا
تعرف القسم المنسوب إلي، والذي يحدد التزامات الطبيب؟
أردت أن أجيب، فقاطعني ابن سينا بقوله: ومن لا يعرف ذلك القسم يا
معلمي.. لقد حافظنا ـ نحن أطباء المسلمين ـ على تعاليمك الخلقية.
قلت: وما التعاليم الخلقية التي التزمتم بها؟
[1] الفرأ مهموز مقصور: حمار
الوحش، وجمعه: فراء، أي أن أفضل الصيد حمار الوحش، فكل الصيد دونه. النهاية:
2/422، والحديث رواه الديلمي.
[2] المجلد الأول هو المشتمل
على الأمور الكلية في الطب.