قال: هو ما كان لدغه خاليا من الحرارة التي يحدثها الحريف، ومع ذلك
يحدث غليانا.. وأفعاله التبريد والتقطيع.. وينشأ عن برودة مع تركيب لطيف.
قلت: فما الحلو؟
قال: هو ما لقي اللسان فأصلحه، وسكن أذى قد ناله، وملس خشونته، وصار
كالمرهم.. وهو لذلك يحدث استلذاذا في اللسان.. وأفعاله الإنضاجوالتليين وإكثار
الغذاء.. وينشأ عن غلظ في التركيب، ومزاج متوسط بين الحرارة والبرودة.
قلت: فما الدسم؟
قال: هو ما كان كالحلو دون استلذاذه، وأفعاله التليين والإزلاق، وبعض
الإنضاج.. وينشأ عن تركيب لطيف مع مزاج متوسط بين الحرارة والرطوبة.
قلت: ولكن الطعوم قد تختلف.
قال: صحيح ذلك.. وقد وضعنا مصطلحات خاصة بذلك، فالمر ـ مثلا ـ مع
القبض يسمى بشعا، ومع الملوحة يسمى زعفا.. وهكذا.
قلت: فكيف استعملتم الشم في التعرف على خصائص الأغذية؟
قال: البخارات المنبعثة من الأشياء المشمومة تؤثر في الشم، وتميز بين
المشمومات مثلما تؤثر المذاقات.. ولكنا مع ذلك نعتبر الرائحة أضعف الأدلة.. فهي
أدنى كثيرا من من الطعم.
قلت: لم؟.. أليس الشم حاسة من الحواس؟
قال: بلى.. ولكن الرائحة لا تدل إلا على البخار الذي ينحل، وهو لا
ينحل من جميع أجزاء المشموم.. بخلاف اللسان، فإنه يلتقي بجميع أجزاء الشيء الذي
يذاق.