قال: أولا تدري السموم التي تأكلها هذه الحيوانات التي تذبحونها على
الطريقة الشرعية.. إنكم تذبحونها على الطريقة الشرعية، ولكنكم تبتدعون بدعا كثيرة
في تسمينها وتحضيرها للذبح.
قلت: كيف ذلك؟
قال: سل الرعاة ولا تسلني.. هل يخرجون بها إلى المراعي أم يسقونها
الفضلات.. ألم يحرم الشرع الجلالة؟
قلت: بلى..
قال: فهذه السموم التي تذبحونها على الطريقة الشرعية شر من الجلالة..
أم أنك لم تسمع بجنون البقر؟
قلت: بلى..
قال: أتدري ما سببه؟
قلت: أجل.. سببه الغذاء الذي لا يتناسب مع طبيعة البقر.. وقد روى لي
الثقاة أن الأبقار البريطانية قد أصابها ذلك المرض بعد أكلها لحوم أغنام مصابة
بمرض الخرف.
قال: معلوماتك محدودة جدا في هذا المجال.. لو انضممت إلينا لعلمت من
أخبار سمومكم ما ينقضي دونه العجب.
قلت: فأخبرني عما تعلمه أنت عن هذا الجنون.
قال: قصة هذا الداء
بدأت عندما ظهرت في وقت سابق أعراض غريبة على قطعان الخراف البريطانية، وعرف
العلماء ما أسموه آنذاك المرض الأكَّال.. لأن الخراف المصابة به تقضي الساعات
الطوال، وهي تحك نفسها على أعمدة حظائرها، وجرى البحث عن أسباب المرض، فاكتشف
المحققون أن عظام الخراف وسقطها، تطحن وتقدم كمكملات بروتينية في علف الأبقار،
وهكذا اشتبه في أن الجراثيم المسببة لمرض الأكال كانت تنتقل بهذه الصورة