وهذه
الحقيقة هي التي تتأسس عليها كل حقائق المعرفة والسلوك، وهي النهاية التي ينتهي
إليها سلوك العارف ليبدأ بها استمداده، فهو ما دام ينظر إلى الوجود نظرة الشريك
الذي يزاحم ربه في وجوده، لا يستمد من هذا الوجود غير الجهل والتشتت، لكنه إن خلع
عنه هذا الوجود المشرك، وحلاه بحلية الأحدية، فإن الوجود كله يصبح عيونا تفيض
بالمعارف على قلبه.
ولهذالا
يفهم العارفون من قول ( لا إله إلا الله) ما يفهمه الكثير من قصر معناها على ( لا
معبود بحق إلا الله)، بل يفهمون ذلك، ومعه يفهمون أن ( لا موجود بحق إلا الله)
* * *
ولم
يخالف أحد من العلماء في صحة هذه المعاني التي يتحدث عنها العارفون[1].
فهي
معان شرعية تدل عليها النصوص الكثيرة، بل يدل عليها العقل، ويستطعمها الذوق.
والرمي
لأجل هذا بالبدعة والضلال لا دليل عليه، ولا مبرر له.
وبما
أن بعض الناس ممن يدعون الانتساب إلى ابن القيم أو ابن تيمية يخول لنفسه الحكم
بالبدعة والضلالة بسبب هذه المقولات، فإنا سنود رأيهما هنا، لا من
[1] باستنثاء
بعض الحرفيين الذين لم تستطع عقولهم أن تفهم هذه المعاني العميقة، ولم تتح لهم
أذواقهم أن تستشعرها.