فالكون
في نظر العارفين ـ بالنظر إلى ذاته ـ لا يزال خاملا في ظلمة العدم المحض، فلا وجود
له لولا نور الموجد، فلولا ظهور الحق فيه، ظهور إيجاد وتعريف لا ظهور حلول وتكييف
لما كان له أي وجود.
وهذا
هو الفرق العظيم بين العارف والعالم، فالعارف في محل الرؤية قد تجاوز فيافي
الاستدلال وصحراء النظر ومتاهات البحث، أما العالم فلا يزال تنقطع به السبل دون
حصول ذلك اليقين الذي ينعم به العارف، قال ابن عطاء الله: (شتان بين من يستدل به
أو يستدل عليه، المستدل به عرف الحق لأهله، وأثبت الأمر من وجود أصله، والاستدلال
عليه من عدم الوصول إليه. وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه؟ ومتى بعد حتى تكون الآثار
هي التي توصل إليه؟)