الأعشاش،
فالطير الواحد يقوم بعدة مئات من رحلات الطيران في سبيل إنشاء عش للتمويه فقط، فما
بالك بالجهد اللازم لبناء العش الحقيقي، والطير لا يستطيع أن يحمل في منقاره سوى
قطعة أو قطعتين من المواد اللازمة لبناء العش من أغصان أو غيرها، ولكن هذا الأمر
لا يثير في الطير الشعور بالملل، و إنما بالعكس من ذلك يثابر على العمل بكل صبر،
وإذا شعر بتعب أو إرهاق لا يترك العمل ولا يترك ما في منقاره ولا يهمل أي تفصيل من
التفاصيل اللازمة لبناء العش.
ولا
بأس أن نعود من جديد لعالم النمل ـ باعتباره نموذجا لهذه الأحياء ـ لنرى مدى تحضره
في هذا الجانب، كما رأينا تحضره في الجانب التنظيمي.
فقد
ذكر العلماء في هذا الباب أن للنمل ـ مثل الإنسان ـ مشاريعه العمرانية الضخمة، وقد
ذكر أحد علماء الحشرات أنه رأى مدينة هائلة للنمل في بنسلفانيا بلغت مساحتها خمسين
فداناً، وكانت مكونة من ألف وستمائة عش ارتفاع معظمها قرابة ثلاثة أقدام، ومحيطها
اثنا عشر قدما عند القاعدة، وهذا يعني أن حجم الهرم الأكبر.
والنظام
المعماري في أعشاش النمل متنوع طبقاً لتنوع أجسام وعاداته، ويحصى العلماء منها
أربعة طرز أو خمسة طرز رئيسية، والسائد هو الطرز الأفقية ذو التعاريج الكثيرة
والدهاليز التي لا تنتهي والغالبية العظمى في أعشاش النمل توجد تحت الأرض، ويحتوي
العش عادة على عدة طوابق، وربما يصل إلى عشرين طابقاً في جزئه الأعلى الصورة، وعلى
عدد مماثل من الطوابق تحت سطح