وقد
يرزق الله بعض خلقه ممن صفت مرآة قلوبهم رؤية سجود الكائنات لبارئها.
ومن
ذلك ما روى ابن عباس قال: جاء رجل، فقال:( يا رسول الله إني رأيتني الليلة وأنا
نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت، فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها، وهي تقول: (اللهم اكتب
لي بها عندك أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها
من عبدك داود) قال ابن عباس:( فقرأ رسول الله a سجدة ثم سجد فسمعته، وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة)[2]
ولأجل
هذه العبودية الخاشعة لله نهى a عن إتخاذ ظهور الدواب منابر ( فرب مركوبة خيرا أو أكثر ذكرا لله
تعالى من راكبها)[3]
وهذا
ما يجعل المؤمن يخفف من غلواء كبرياه، وهو يمشي مطأطئ الراس بخطى وئيدة على الأرض
الساجدة لله، ممتثلا قوله تعالى:﴿ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً
إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً﴾ (الاسراء:37)
أما
هيئة السجود، والتي قد تستهوي الخيال، وقد تحجب العقل عن الحقائق إن وقف عندها،
فإن لكل شيء سجوده الخاص الذي يعبر به عن منتهى خضوعه
[1] انظر ما
يرتبط بهذا من تفاصيل علمية، ومن دلائل الإعجاز العلمي: رسالة (معجزات علمية)