ومن
هؤلاء من ذهب إلى أن السجود هو مجرد الخضوع الخالي من أي مظهر، كما قال الشاعر:
بجيش تضل البلق في حجراته ترى الأكم فيه سجدا للحوافر
ومن
ذلك ما ذكره الرازي عن بعضهم، فقال:( إن السجود عبارة عن الانقياد والخضوع وعدم
الامتناع وكل من في السموات والأرض ساجد لله بهذا المعنى، لأن قدرته ومشيئته نافذة
في الكل وتحقيق القول فيه أن ما سواه ممكن لذاته والممكن لذاته هو الذي تكون
ماهيته قابلة للعدم والوجود على السوية وكل من كان كذلك امتنع رجحان وجوده على
عدمه أو بالعكس، إلا بتأثير موجود ومؤثر فيكون وجود كل ما سوى الحق سبحانه بإيجاده
وعدم كل ما سواه بإعدامه، فتأثيره نافذ في جميع الممكنات في طرفي الإيجاد
والإعدام، وذلك هو السجود وهو التواضع والخضوع والانقياد)[1]
ومن
ذلك ما ذكر أن المراد من سجودها شهادتها ودلالتها على الخالق، كما قال أبو الفرج:(
الساجدون على ضربين: أحدهما من يعقل فسجوده عبادة، والثاني من لا يعقل فسجوده بيان
أثر الصنعة فيه والخضوع الذي يدل على أنه مخلوق)[2]
وهذه
الأقوال ـ وإن كانت معانيها صحيحة في ذاتها ـ إلا أنه لا علاقة لها