بكمال
قدرته، ولذلك استبعدوا كونه تعالى قادراً على الحشر والنشر فكان المراد ذلك، ثم
إنه قال لرسول الله a:﴿
قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي
الْعَرْشِ سَبِيلاً﴾ (الاسراء:42) فهم ما كانوا عالمين بهذا الدليل، فلما
ذكر هذا الدليل قال:﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ
وَمَنْ فِيهِنّ)(الاسراء: 44)
وكأن
الآية تقول ـ كما يفهمها الرازي ـ:( فتسبيح السموات والأرض ومن فيهن يشهد بصحة هذا
الدليل وقوته وأنتم لا تفقهون هذا الدليل ولا تعرفونه)
وهذا
الوجه لا يتنافى أيضا مع التسبيح المقالي للكائنات، بل هو فهم من الفهوم الصحيحة
للآية، والفهوم لا يلغي بعضها بعضا، فكلام الله يحتمل الجميع.
ولعل
أقوى دليل ذكره هو ما عبر عنه بقوله:( مما يدل على أن الأمر كما ذكرناه
قوله:﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾ (الاسراء: 44) فذكر
الحليم والغفور ههنا يدل على أن كونهم بحيث لا يفقهون ذلك التسبيح جرم عظيم صدر
عنهم، وهذا إنما يكون جرماً إذا كان المراد من ذلك التسبيح كونها دالة على كمال
قدرة الله تعالى وحكمته، ثم إنهم لغفلتهم وجهلهم ما عرفوا وجه دلالة تلك الدلائل.
أما
لو حملنا هذا التسبيح على أن هذه الجمادات تسبح الله بأقوالها وألفاظها لم يكن عدم
الفقه لتلك التسبيحات جرماً ولا ذنباً، وإذا لم يكن ذلك جرماً ولا ذنباً لم يكن
قوله:﴿ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً ﴾ (الاسراء: 44) لائقاً
بهذا الموضع)
وهذا
الاستدلال الأخير مع قوته إلا أن الفاصلة القرآنية لا تشمل آخر الآية فقط، بحيث
يكون الحلم والمغفرة مرتبطان بعدم فقه التسبيح، بل هي مرتبطة