وهما
في طعام وقد قدم الخوان:( أيسبح هذا الخوان يا أبا سعيد؟) فقال:( قد كان يسبح
مرة)، يريد أن الشجرة في زمن ثمرها واعتدالها كانت تسبح، وأما الآن فقد صار خوانا
مدهونا.
وقد
ذكر النووي أن هذا مذهب الكثير من المفسرين، قال:( وهذا مذهب كثيرين أو الأكثرين من المفسرين في قوله تعالى:﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ﴾ (الاسراء: 44)
قالوا معناه وإن من شيء حي، ثم قالوا حياة كل شيء بحسبه، فحياة الخشب ما لم ييبس،
والحجر ما لم يقطع)[1]
واستدل
القائلون لهذا من السنة بما ثبت عن ابن عباس أن النبي a مر على قبرين فقال:( إنهما
ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا
يستبرئ من البول) قال: فدعا بعسيب رطب فشقه اثنين، ثم غرس على هذا واحدا وعلى هذا
واحدا ثم قال: ( لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا)[2]
ففهم
هؤلاء من قوله a:( ما لم ييبسا) أن ذلك إشارة إلى أنهما ما داما رطبين يسبحان، فإذا
يبسا صارا جمادا.
ولسنا
نرى في هذا النص أي دلالة، فالحديث لم يربط تسبيح العسيب بتخفيف العذاب، بل ربطه
برطوبته، فلعل لتلك الرطوبة تأثيرا خاصا أدركه رسول
[1] مع كون
هذا قول أكثر المفسرين إلا أن المحققين على خلافه، قال النووي:( وذهب المحققون من
المفسرين وغيرهم إلى أنه على عمومه، ثم اختلف هؤلاء هل يسبح حقيقة أم فيه دلالة
على الصانع فيكون مسبحاً منزهاً بصورة حاله، والمحققون على أنه يسبح حقيقة) النووي
على مسلم:3/201.