السر الثالث من أسرار
التوحيد في القدر هو كتابة الله تعالى مقادير الأشياء وتسجيلها وفق ما في العلم
الإلهي، وقد وردت النصوص الكثيرة الدالة على كتابة الله لكل شيء، كما قال تعالى:﴿ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ
اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ
ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ﴾ (الحج:70)
فالله تعالى يخبرنا عن
كمال علمه بخلقه، وإحاطته بما في السماوات وما في الأرض، وعلمه بشؤون الكائنات
كلها قبل وجودها، ثم كتابة ذلك في كتاب، ثم اعتبار كل ذلك يسيرا لا تعجز عنه
الربوبية.
ويخبرنا الله تعالى أنه
كتب في هذا الكتاب مقادير جميع الأشياء حتى الورقة الساقطة والحبة والرطب واليابس،
فقال تعالى:﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ
الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ
وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ
الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ (الأنعام:59)
وأخبر a بأن الله تعالى ( قدّر مقادير الخلائق قبل خلق السماوات والأرض
بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)[1]، وأخبر أن ( أول ما خلق اللّه القلم، فقال له: اكتب، قال: وما أكتب؟
قال: اكتب ما هو كائن، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة)[2]
ووردت الأحاديث الكثيرة
الدالة على أن الله كتب مقادير كل شيء.
وقد أخذ بهذه النصوص من
تصوروا الأمر جبرا، وأن العباد لا حظ لهم من الحرية والاختيار والمسؤولية على
أعمالهم.