وفي هذا الكتاب كل ما
يتعلق بتفاصيل شقاوة العباد وسعادتهم وأرزاقهم وآجالهم وأعمالهم قبل خلقهم، فقد
روي أن رسول الله a كان في جنازة في بقيع الغرقد، ومعه مخصرة
فنكس، فجعل ينكت بمخصرته، ثم قال:( ما منكم من أحد - أو ما من نفس منفوسة - إلا
كتب مكانها من الجنة والنار، وإلا كتبت شقية أو سعيدة)، فقال رجل:( يا رسول اللّه
أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ فمن كان منا من أهل السعادة فسيصير إلى أهل
السعادة، ومن كان منا من أهل الشقاء فسيصير إلى أهل الشقاء؟ فقال:( أما أهل
السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاء فييسرون إلى عمل أهل الشقاء)،
ثم قرأ:﴿ فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6)
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (7) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (8) وَكَذَّبَ
بِالْحُسْنَى (9) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (10) ﴾(الليل)[1]
ويروى أن رجلاً من
مزينة- أَو جهينة- أَتى النبى a، فقال: يا رسول الله،
أَرأَيت ما يعمل الناس ويتكادحون فيه، أشيء قضى عليهم ومضى، أو فيما يستقبلون مما
أَتاهم به نبيهم؟ قال:( فيما قضى عليهم ومضى)، فقال الرجل:( ففيم العمل؟)، فقال
رسول الله a:( من كان خلقه الله لإِحدى المنزلتين فسيستعمله لها)[2]
وورد في حديث جابر أن رجلا
جاء رسول الله a فقال:( يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن، فيم العمل
اليوم، أفيما جفت به الأقلام، وجرت به المقادير أم فيما استقبل؟)، فقال a:( لا، بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير)[3]
وعن ابن عباس قال:( كنت
خلف رسول الله a يوما فقال:( يا غلام ألا أعلمك