وهكذا الأمر في الشجرة،
والحيوان، فالذرات الصم العمي الجامدة التي لا شعور لها والمتشابهة بعضها ببعض،
تتحرك في نمو الأشياء، ثم تتوقف عند حدود معينة توقف عارف عالم بمظان الفوائد
والثمرات، ثم تبدل مواضعها وكأنها تستهدف غاية كبرى.
اي أن الذرات تتحرك على
وفق المقدار المعنوي الآتي من القدر، وحسب الامر المعنوي لذلك المقدار.
فما دامت تجليات القدر
موجودة في الاشياء المادية المشهودة الى هذه الدرجة، فلابد أن أوضاع الاشياء
الحاصلة والصور التي تلبسها والحركات التي تؤديها بمرور الزمان تابعة ايضاً
لانتظام القدر.
ويستنتج من هذا التشبيه
التقريب قوله:( فلئن كان للقدر تجلٍ كهذا في الاشياء الاعتيادية والبسيطة، فلابد
أن هذا يفيد ان الاشياء كلها قبل كونها ووجودها مكتوبة في كتاب، ويمكن ان يفهم ذلك
بشئ من التدبر، أما الدليل على أن تأريخ حياة كل شئ، بعد وجوده وكونه، مكتوب؛ فهو
جميع الثمرات التي تخبر عن الكتاب المبين والامام المبين. والقوة الحافظة للانسان
التي تشير الى اللوح المحفوظ وتخبر عنه، كل منها شاهد صادق، وأمارة وعلامة على
ذلك) [1]
فكل ثمرة تُكتب في
نواتها - التي هي في حكم قلبها - مقدّرات حياة الشجرة ومستقبلها ايضاً.
والقوة الحافظة للانسان
- التي هي كحبة خردل في الصغر - تَكتب فيها يدُ القدرة بقلم القدر تاريخ حياة
الانسان وقسماً من حوادث العالم الماضية كتابةً دقيقة.
وكما أن القطرات تُخبر
عن السحاب، والرشحات تدل على نبع الماء والمستندات
[1] انظر: الكلمات، الكلمة السادسة والعشرون، رسالة
القدر، لبديع الزمان النورسي.