والوثائق تشير الى
وجود السجل الكبير، كذلك الثمرات والنطف والبذور والنوى والصور والاشكال الماثلة
امامنا وهي في حكم رشحات القدر البديهي - اي الانتظام المادي في الاحياء - وقطرات
القدر النظري - اي الانتظام المعنوي والحياتي - وبمثابة مستنداتهما ووثائقهما..
تدل بالبداهة على الكتاب المبين، وهو سجل الارادة والاوامر التكوينية، وعلى اللوح
المحفوظ، الذي هو ديوان العلم الإلهي، الامام المبين.
التقدير العمري:
انطلاقا من هذا الفهم
الراقي لحقيقة القدر، والقراءة الإيمانية للكون، والخطاب الرفيع للعقل، نرى أن هذه
البذور والنوايا التي جمعت في جزئياتها البسيطة كل تفاصيل الوجود الذي تحمله هي
جزء من كتاب المقادير المؤجلة.
فالملك الموكل بالجنين
يسأل ربه عن جنس الجنين، هل هو ذكر أم أنثى، ثم يعتبر ذلك من المقادير، وقد عرفنا
ـ بمعارفنا البسيطة ـ أن هذا التحديد موجود في صبغيات الجنين، بل هو في صبغيات
البييضة الملقحة.
فلذلك يمكن الاستئناس
بهذا على أن سائر الأمور التي سأل عنها الملك، والمؤقتة بعمر الإنسان قد يكون لها
وجود في الصبغيات الوراثية، ولكنا لم نكتشفها، أو لن نكتشفها.
وقد يعارض هذا بكتابة
الملك لأمور معنوية يستبعد تسجيلها في تلك الصبغيات كعمله ورزقه وأجله وشقي أو
سعيد.
ونرى أن هذا ـ ببعض
التأمل ـ ليس مستبعدا.
أما أجل الإنسان، فإن
أي صانع الآن قد يدرك العمر الافتراضي لصناعته، فلا يستبعد أن يسجل هذا العمر في
مورثات الإنسان، ويكون الأجل الذي سأل عنه هنا هو هذا العمر الافتراضي بدليل ما
ذكرنا سابقا من كون هذه المقادير افتراضية لا نهائية.
وأما رزقه، فإن في كل
إنسانا شعورا يجتذبه لحرفة معينة أو لطعام معين، فيكون رزقه