ومن هذه الصيغ صيغة
(التحريم) الدالة على الامتناع، ولا نعلم منها إلا قوله
a فيما يرويه عن ربه تعالى:( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي)[1] أي أنه تعالى منع نفسه من ظلم عباده.
وهو ما دلت عليه الآيات
الكثيرة التي تنص على امتناع الظلم عن الله، كما قال تعالى:﴿ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ
أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾
(آل عمران:182)، وقال تعالى:﴿ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً
لِلْعِبَادِ﴾ (غافر: 31)، وقال تعالى:﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحاً
فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ (فصلت:46)، وقال تعالى:﴿ إِنَّ
اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ
يَظْلِمُونَ﴾ (يونس:44)، وقال تعالى:﴿ إِنَّ
اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا
وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً﴾ (النساء:40)، وقال تعالى:﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ
وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخَافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً﴾
(طـه:112)، والهضم أن ينقص من جزاء حسناته والظلم أن يعاقب بذنوب
غيره.
ومثل هذا كثير في
القرآن، وهو مما يدل على أن الله قادر على الظلم ولكن لا يفعله فضلا منه وجودا
وكرما وإحسانا إلى عباده.
وهذا يبين أن الظلم هو
وضع الأشياء في غير مواضعها، وليس كما فسره بعضهم من أنه ( التصرف في ملك الغير
بغير إذنه)، وبذلك يعتبرون أن الظلم مستحيل عليه، أو غير متصور