الْفَسَادَ﴾ (البقرة:205)، وقال تعالى:﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ
الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ﴾
(البقرة:276)، وقال تعالى:﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ
وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾
(آل عمران:32)، وقال تعالى:﴿ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ﴾ (آل عمران: 57)، وقال تعالى:﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا
تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (البقرة:190)
وبذلك تنتقل هذه الأصول
من كونها أمرا تشريعيا إلى أمر عقلي لا تختلف العقول السليمة في القول بموجبه.
ولذلك فإنا نرى ـ والله
أعلم ـ أن هذه الأصول مما يتعلق به الجزاء في الآخرة، فالظالم ـ ولو لم تبلغه
الشريعة ـ محاسب على ظلمه، لأن الجبلة التي جبل عليها، كما جبل عليها الكون جميعا
هي اعتبار الظلم انحرافا كبيرا.
ثبات السنن:
قد يقال بعد هذا بأن
هذه أمور اعتبارية قد تتخلف، أو أن هذه سنن وقتية قد تتبدل[1]، والله تعالى يرد على هذا القول الشنيع، ويخبر أن قوله لا يرد، وأن
كلماته لا تتبدل، وأن وعده أو وعيده لا يتخلف، وقد مرت النصوص الكثيرة الدالة على
ذلك، وعلى أن هذه سنن حقيقية لا اعتبارية.
ومن ذلك التعبير بكون
كلمات الله تامات، فالتمام هنا هو التحقق، فالشيء لا يتم إلا بعد تحققه، كما قال
تعالى:﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَتُ
رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ
الْعَلِيمُ﴾ (الأنعام:115) أي صدقاً في الأخبار،
وعدلاً في الأوامر والنواهي.
[1] وللأسف فإن هذا ما تكاد تصرح به كثير من كتب
الكلام، وخاصة عند حديثها عن مسألة (الحسن والقبح)، فهي عند اعتبارها أمرا
اعتباريا لا حقيقيا تجعل من حقائق الكون حقائق وهمية يمكن أن تتخلف في أي لحظة.