ومن ذلك التعبير بعدم
لحوق التبديل لكلمات الله، كما قال تعالى تسلية للنبي a وتعزية له فيمن كذبه من قومه، وأمر له بالصبر كما صبر أولو العزم من
الرسل:﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا
كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ
اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ﴾
(الأنعام:34) أي أن الله لا يبدل الكلمات التي كتبها بالنصر في الدنيا
والآخرة لعباده المؤمنين.
تبصر السنن :
لقد ذكرنا في بداية هذا
المبحث أن هذا النوع من الكتب هو النوع الوحيد الذي طولبنا بالتعرف عليه، والبحث
فيه، ذلك أنه لا يستطيع الإنسان أن ينتظم في سلك الكون إلا به.
ومثل ذلك مثل تعرف
الرعية على القوانين التي تحكمها، فلا يمكن للقوانين أن تؤتي ثمارها إلا بمعرفة
الرعية لها، ثم وقوفهم عندها.
والخطأ في التعرف على
القوانين له تأثيره الخطير في السلوك وفي جميع المواقف.
وكمثال على ذلك ما
تتصور به بعض الديانات من الاقتصار على مجرد التبشير، فتتصور أن فلانا من الناس
جاء للخلاص، فخلص البشرية، وأنه لا عذاب ولا عقاب، ثم تنظر بعد ذلك باحتقار إلى
القرآن وهو يتحدث عن الجنة والنار.
فهؤلاء يصادمون سنن
الله.. فالكون ـ كما نراه ـ يحوي كل شيء.. يحوي الجنان والحقول والأزهار.. وهي
بذور من أزهار الجنة.
ويحوي كذلك الزلازل
والبراكين والنيران والعواصف والزوابع.. وكل ذلك بذور من بذور جهنم.
وبما أن كل هذه البذور
لها قوانينها الخاصة، فإن لأصولها قوانيه الخاصة.
واحتقار هذه القوانين
والاستخفاف بها لا يختلف عن استخفاف المجرمين بقوانين العقوبات إلى أن تطبق عليهم،
والقاضي حينها لا يقول لهم ـ إذا اعتذروا بجهلهم للقوانين ـ إلا