ومن ذلك قوله تعالى حكاية عن زكريا u أنه قال عن ولده:﴿ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيّاً﴾ (مريم: 6)
وأخبر تعالى عن مقالة الثابتين مع طالوت، وكيف رجعوا
إلى الله في طلب الصبر والتثبيت، فقال تعالى:﴿ وَلَمَّا بَرَزُوا
لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْراً وَثَبِّتْ
أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾
(البقرة:250)
وقد ذكر العلماء في
الآية أربعة أدلة على أن الله تعالى هو خالق الأفعال:
1.
أن الصبر فعلهم الاختياري،
ومع ذلك سألوه ممن هو بيده ومشيئته وإذنه إن شاء أعطاهموه وإن شاء منعهموه.
2.
ثبات الأقدام فعل اختياري،
ولكن التثبيت فعله والثبات فعلهم ولا سبيل إلى فعلهم إلا بعد فعله.
3.
أنهم سألوه النصر، وذلك بأن
يقوي عزائمهم ويشجعهم ويصبرهم ويثبتهم ويلقي في قلوب أعدائهم الخور والخوف والرعب
فيحصل النصر.
4.
أنه أخبر أن هزيمته لأعدائهم
كانت بإذن الله، وإذنه هاهنا هو الإذن الكوني القدري أي بمشيئته وقضائه وقدره،
وليس هو الإذن الشرعي الذي بمعنى الأمر، فإن ذلك لا يستلزم الهزيمة بخلاف إذنه
الكوني وأمره الكوني فإن المأمور المكون لا يتخلف عنه أبدا.
بل إن سورة الفاتحة
التي تحمل الحقائق الإيمانية الكبرى تدل على هذه المعاني، قال ابن القيم:( وإذا
أعطيت الفاتحة حقها وجدتها من أولها إلى آخرها منادية على ذلك دالة عليه