وقد ورد في السنة
الكثير من النصوص التي تدل على هذه المعاني، والتي جمعها بعض المحدثين كالبخاري
وغيره في مؤلفات خاصة.
ومن هذه الأحاديث قوله a لمن سأله أن يدله على عمل يدخل به الجنة:( لقد
سألتني عن عظيم! وإنه ليسير على من يسره الله عليه، تعبد الله ولا تشرك به شيئا،
وتقيم الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ألا أدلك
على أبواب الخير! الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة
الرجل في جوف الليل، ألا أخبرك برأس الامر وعموده وذروة سنامه! رأس الامر الاسلام،
من أسلم سلم وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد، لا أخبرك بملاك ذلك كله! كف عليك
هذا وأشار إلى لسانه)[1]
وليس المراد التيسير ـ
في هذا الحديث ـ التمكين وخلق الفعل وإزاحة الأعذار وسلامة الأعضاء فقط، لأن ذلك
حاصل للمؤمن والكافر، وإنما المراد منه ما يوجب اليسر في العمل.
* * *
ومن آثار هذه المعرفة
التوحيدية الرجوع إلى الله طلبا للتوفيق وهربا من الخذلان، وقد فهم الربانيون هذه
المعاني، فلذلك كانوا يسألون الله تعالى أن
يوفقهم لمراضيه، والتي يتصورها الغافلون أفعالا محضة لهم تقع باختيارهم وبتنفيذهم
ولا دخل لله فيها.
ومن ذلك قول الخليل u:﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ
لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ
عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾
(البقرة:128)، فأخبر
الخليل u أنه تعالى هو
الذي يجعل المسلم مسلما، فلذلك طلب منه أن يجعله مسلما وذريته.
ومثل ذلك دعاءه u بأن يجعله الله تعالى
مقيما للصلاة هو وذريته، قال تعالى:﴿ رَبِّ