وأخبر تعالى أنه هو الذي أغفل القلوب عن ذكره، قال U:) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ
وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا
وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً﴾
(الكهف:28)، فمع
أن الغفلة عمل العبد وكسبه إلا أن الله تعالى نسبها لنفسه، فالغفلة من العبد والإغفال من الرب.
أما تأويل هذا النص بأن
المراد بالإغفال وما هو من جنسه التسمية والعلم، بأن يكون المراد من ( أغفلنا
قلبه) سميناه غافلا أو وجدناه غافلا أي علمناه كذلك، فهو مخالف للغة العربية، بل
هو مثل ( أقمته وأقعدته وأغنيته وأفقرته أي جعلته كذلك وأما أفعلته أو أوجدته
كذلك، كأحمدته وأبخلته وأعجزته فلا يقع في أفعال الله البتة إنما يقع في أفعال
العاجز أن يجعل جبانا وبخيلا وعاجزا فيكون معناه صادفته كذلك وهل يخطر بقلب الداعي
اللهم أقدرني أو أوزعني وألهمني أي سمني وأعلمني كذلك وهل هذا إلا كذب عليه وعلى
المدعو سبحانه والعقلاء يعلمون علما ضروريا أن الداعي إنما سأل الله أن يخلق له
ذلك ويشاءه له ويقدره عليه)[1]
بل إن لفظ الإغفال نفسه
يدل على استحالة أن يكون من العبد، لأنه ( لا يمكن أن يكون العبد هو المغفل لنفسه
عن الشيء، فإن إغفاله لنفسه عنه مشروط بشعوره به، وذلك مضاد لغفلته عنه، بخلاف
إغفال الرب تعالى له فإنه لا يضاد علمه بما يغفل عنه العبد وبخلاف غفلة العبد
فإنها لا تكون إلا مع عدم شعوره بالمغفول عنه) [2]
وأخبر تعالى أنه هو الذي جعل آل
فرعون أئمة للضلال، قال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ
إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنْصَرُونَ﴾
(القصص:41)