وتذهلون به عن أنفسكم
صناعة ربانية كسائر الصناعات لا يختلف عن صناعة الخيل والبغال والحمير.
* * *
والقرآن الكريم يخبر
بأن الخير والشر الذي تكنه النفوس أو تبرزه الجوارح هو خلق من خلق الله المتفرد
بالخلق والإيجاد.
قال تعالى عن خلق الخير
الذي يملأ صدور أتباع المسيح u:﴿ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا
بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْأِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ
الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا
كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا
حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ
مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾ (الحديد:27)
وقال تعالى عن أئمة الهدى:﴿
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا
إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ
وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ﴾ (الانبياء:73)، فأخبر
تعالى أن كونهم أئمة للهدى هو جعل من الله تعالى.
وقال في الطرف المقابل
عن تقسية قلوب بني إسرائيل:)
َبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ﴾ (المائدة: 13)
وقال تعالى عن جعل الأكنة في قلوبهم والوقر في آذانهم لئلا يؤمنوا:) وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ
أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ
لا يُؤْمِنُوا بِهَا حَتَّى إِذَا جَاءُوكَ يُجَادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ
كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾
(الأنعام:25)، وقال تعالى:﴿ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي
آذَانِهِمْ وَقْراً وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا
عَلَى أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً﴾ (الاسراء:46)
فهذه الأكنة والوقر
الذي حجبهم عن الاستماع للحق هي شدة البغض والنفرة والإعراض التي لا يستطيعون معها
سمعا ولا عقلا، وهي مع كونها كسبا وفعلا لهم إلا أن الله