وهذه الروايات تتكامل
مع الروايات الأخرى الدالة على أنه عرض على الملائكة ـ عليهم السلام ـ الأشياء
ليسميها الملائكة بأسمائها، كما قال ابن مسعود وغيره:( عرض الأشخاص)، ويدل عليه
قوله تعالى:( عرضهم)، وقوله:( أنبئوني بأسماء هؤلاء)
فدل كلا القولين على أن
آدم u تعلم أمورا حسية عرضت على الملائكة بأعيانها، وتعلم أمورا معنوية
لها علاقة بأسماء الله كما ذكرنا، وبذلك يجتمع كلا القولين، والله أعلم.
وقد يقال هنا: فكيف جهل
الملائكة ـ عليهم السلام ـ مع قربهم من الله تعالى هذه الأسماء؟
والجواب على ذلك يرجع
إلى ما ذكرنا سابقا من أن أسماء الله التي لا يحصرها الحاصر، والتي لها تعلق بكل
الأشياء لا يعرف كل شيء منها إلا ما له علاقة به.
فالملائكة ـ عليهم
السلام ـ مفطورون على الطاعة، وتستحيل في حقهم المعصية، فلذلك قد لا يدركون من
أسماء الله التي يعرفونها ما يتعلق بالمغفرة والتوبة، فذلك لما عرضت هذه السماء
أخبروا عن جهلهم بها وردوا العلم فيها إلى الله.
ولعله لأجل هذا أسرع
آدم u بالتوبة بمجرد اقتراف المعصية لما علمه من أسماء الله المقتضية
لذلك.
* * *
قد يقال هنا: إن كل ما
ذكر من مؤهلات التكليف يخص آدم u،
فكيف يكون العدل في تكليف البشرية جميعا بمؤهلات وهبت لفرد منها؟
والجواب عن هذا أنه مع
أن المعارف التي تلقاها آدم u
ورثها لذريته، إلا أن رحمة الله تعالى لم تكتف بهذا التوريث الذي قد يدخل فيه من
التحريف ما ينحرف به مسار الإنسان، بل زودت الإنسان بمعلمين دائمين للأسماء
والحقائق، ولهذا قال تعالى لآدم u
بعد نزوله