المسخرات، هل يتعامل
معها باسم الله، أم باسمه هو، وهل ينسبها إلى الله أم ينسبها إلى نفسه، ولذلك عقب
تعالى على تسخير الحيوانات المركوبة بقوله تعالى:﴿ لِتَسْتَوُوا عَلَى
ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ
وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ
مُقْرِنِينَ﴾ (الزخرف:13)
وقد ورد في النصوص ما
يدل على أن المقصد من تفريغ الإنسان عبادته لله، كما قال تعالى:﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾ (الشرح:7)، أي إذا
فرغت من أُمور الدنيا وأشغالها، وقطعت علائقها فانصب إلى العبادة، وقم إليها
نشيطاً فارغ البال، واخلص لربك النية والرغبة.
ومن ذلك قوله تعالى:﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً﴾
(المزمل:8)، أي أكثر من ذكره، وانقطع إليه، وتفرغ لعبادته.
وقد ورد في الحديث القدسي:( يا ابن آدم
تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك، وإلا تفعل ملأت صدرك شغلاً ولم أسد فقرك)[1]
وإلى هذا المعنى أشار
الأثر الإلهي المشهور:( ابن آدم خلقتك لعبادتي فلا تلعب، وتكفلت برزقك فلا تتعب،
فاطلبني تجدني، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل
شيء)
ولذلك يشير العارفون
إلى هذا المعنى في تربية السالكين حتى لا ينشغلوا بما ضمن لهم عما طلب منهم، كما
قال ابن عطاء الله معبرا عن ذلك:( اجتهادُكَ فيما ضَمِنَ لكَ، وتقصيرُكَ فيما
طَلَبَ منكَ، دليلٌ على انْطماسِ البصيرةِ منْكَ)
3 ـ اختبارات التكليف:
قد يقال: كيف يكون
العدل في التكليف والبشر يتعرضون لاختبارات مختلفة متناقضة؟