وهكذا يقال في اختبارات
الله تعالى لخلقه، فطاقاتهم مختلفة ومواهبهم مختلفة، فلذلك يعامل كل شخص بحسب
حاله.
وهذه المعاملة ترجع كما
ذكرنا في الفصل الأول إلى خبرة الله بخلقه، كما قال تعالى عند ذكر التنوع في بسط
الرزق وقبضه:﴿ وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي
الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ
بَصِيرٌ﴾ (الشورى:27) أي لو أعطاهم فوق حاجتهم التي تختلف باختلاف طبائعهم
وأحوالهم لحملهم ذلك على البغي والطغيان.
والشاهد هنا هو ختمه
الآية بإرجاع علة ذلك إلى خبرة الله وبصره بخلقه، كما ورد في الحديث القدسي:( إن
من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالغنى ولو أفقرته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح
إيمانه إلا بالفقر ولو أغنيته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إيمانه إلا بالسقم
ولو أصححته لكفر، وإن من عبادي من لا يصلح إلا بالصحة ولو أسقمته لكفر)[1]
ويدل على هذا ما ورد في
الحديث من اختبار الله لثلاثة نفر في بني إسرائيل أبرص، وأقرع، وأعمى، ليخرجوا ما
يخفيه جوهرهم من صفات، فبعث ملكا فأتى الأبرص، فقال: أي شيء أحب إليك؟ قال: لون
حسن وجلد حسن، قد قذرني الناس، فمسحه فذهب، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا، فقال: أي المال
أحب إليك؟ قال: الإبل، فأعطي ناقة عشراء، فقال: يبارك لك فيها.
وأتى الأقرع، فقال: أي
شيء أحب إليك؟ قال شعر حسن، ويذهب هذا عني، قد قذرني الناس، فمسحه فذهب وأعطي شعرا
حسنا، فقال: فأي المال أحب إليك؟ قال: البقر فأعطاه بقرة حاملا، وقال: يبارك لك
فيها.
وأتى الأعمى، فقال: أي
شيء أحب إليك؟ قال، يرد الله إلي بصري، فأبصر به الناس،