فكيف يحطم الضال أو
العاصي حصون الختم والطبع والأكنة والغطاء والغلاف والحجاب والوقرة والغشاوه
والران والغل والسد والقفل والصمم والبكم والعمي والصد والصرف والضلال والإغفال
والمرض والخذلان والأركاس والتثبيط والتزيين التي يحدثنا القرآن الكريم أنها حواجز
منيعة تحول بين الكافر والإيمان!؟
وكيف يحطم الضال ما ورد
في القرآن الكريم من (عدم إرادة هداهم، وتطهيرهم وإماتة قلوبهم
بعد خلق الحياة فيها فتبقى على الموت الأصلي، وإمساك النور عنها فتبقى في الظلمة
الأصلية، وجعل القلب قاسيا لا ينطبع فيه مثال الهدى وصورته، وجعل الصدر ضيفا حرجا
لا يقبل الإيمان) [1]!؟
هذه الشبهات وغيرها،
والتي قد تطرح بسبب النظرة القاصرة لمعاني القرآن الكريم دون محاولة الولوج إلى
أعماقه مع الجمع بينها وبين غيرها من النصوص كانت سبب خلاف شديد في تفسيرها.
فالبعض ممن يغلب العدل
على التوحيد حرفها عن معانيها وغيرها تغييرا كليا بحيث صار معناها ركيكا لا يليق
بالقرآن الكريم بحجة تنزيه الله عن الظلم.
وآخرون فهموها بحروفها
مقتصرين عليها غير محاولين الجمع بينها وبين غيرها من النصوص، أو على الأقل فهم
السياق الذي وردت فيه، والطريقة التي طرحت بها.
ولذلك، فإن الحديث عن
عدالة الهداية يقتضي فهم معني هذه السدود وعللها، وذلك يقتضي البحث عن مورادها في
النصوص لتفهم من خلال السياق الذي وردت فيه والسبب الذي دعت له.
[1] شفاء العليل:92.. وقد ذكر أن هذه الأمور منها
ما يرجع إلى القلب كالختم والطبع والقفل والأكنة والإغفال والمرض ونحوها، ومنها ما
يرجع إلى رسوله الموصل إليه الهدى كالصمم والوقر، ومنها ما يرجع إلى طليعته ورائده
كالعمى والغشا، ومنها ما يرجع إلى ترجمانه ورسوله المبلغ عنه كالبكم النطقي وهو
نتيجة البكم القلبي فإذا بكم القلب بكم اللسان.