ولهذا كان النبي a وهو أعرف الخلق بالله يكثر أن يقول: (يا مُقَلِّب القلوب،
ثبت قلبي على دينك)، فقال له أصحابه: يا رسول الله، آمنا بك وبما جئت به، فهل تخاف
علينا؟ قال:( نعم، إن القلوب بين إصبعين[1] من
أصابع الله تعالى يقلبها)[2]
وعن بلال أن النبي a كان يدعو، فيقول: (يا مُقَلِّب القلوب ثَبِّت قلبي على دينك)[3]
والجواب عن هذا يقتضي دراسة النصوص التي استنبطت منها
هذه الأحكام، ومقارنتها بكل ما ورد في سائر النصوص، لنعرف حقيقة المراد منها.
وذلك ما يقتضيه
المنهج العلمي حتى لا ننحجب بنص عن نص، وبفهم عن فهم.. فكلام الله المحكم يهدي
بعضه إلى بعضه، ويعرف بعضه ببعض، ويستحيل على من قصر فهمه على البعض أن يحيط
بالكل.
ولهذا، فسنتاول في
هذا المبحث ما وفر الله لعباده من حجب الغفلة والتي هي من مقتضيات اسمه (المضل)..
وما وفر لهم من أنوار الهداية، وهو من مقتضيات اسمه (الهادي)
1 ـ حجب الغفلة:
قد يقال بعد هذا كيف
تكون العدالة والقرآن الكريم يخبر بأنواع كثيرة من السدود تمنع الضال من الهداية
والكافر من الإيمان!؟
[1] طبعا.. هذا جار على أسلوب العرب في تعبيرها،
فالله ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ (الشورى: 11).