ما كان فيه من قبل،
ولكن كل شيء سوى الله تعالى وسوى ما يتعلق به فيجوز أيضاً أن يكون مجالاً للشيطان،
وذكر الله هو الذي يؤمن جانبه ويعلم أنه ليس للشيطان فيه مجال) [1]
ولذلك أخبر الله تعالى
عن نجاة الذاكرين من وساوس الشيطان، قال تعالى:﴿ إِنَّ الَّذِينَ
اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ
مُبْصِرُونَ﴾ (لأعراف:201)
وللتضاد بين ذكر الله
ووسوسة الشيطان قال تعالى:﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ
أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ
الْخَاسِرُونَ﴾ (المجادلة:19)
* * *
قد يقال: سلمنا بأن
إرادة الإنسان هي التي تحدد باختيارها نوع مستشاريها، أو تحدد سلطة الشيطان عليها،
ولكن الفتن التي وردت النصوص بالإخبار عنها وعن نزولها ليست إلا فتنا مجعولة لله، وهو
الذي يرسلها على القلوب لتحولها عن الطريق الصحيح، أليس في ذلك إبعادا عن الحق
وإضلالا لا يتناسب مع العدل الإلهي؟
والجواب عن هذا أن
الفتن هي نار الله الحارقة التي يتميز بها الخبيث من الطيب، بل هي أسئلة الاختبار
التي يفلح المكلف على أساسها أو يخسر، وهي التي تحدد نوع القلوب وطبائعها.
والذي ينكر نزول الفتن
كالذي ينكر الامتحان نفسه، لأنه لا امتحان بدون أسئلة، ولهذا قال تعالى:﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا
يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ
الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت:2 ـ 3)
ولهذا كانت الفتن هي
المحددة لحقيقة الإنسان كما قال تعالى على لسان موسى u:﴿ إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَنْ تَشَاءُ
وَتَهْدِي مَنْ تَشَاء﴾ (لأعراف: 155)