فالفتن حسب هذه الآية،
وحسب ما ورد في النصوص ليست شرا محضا، بل هي خير محض لمن عرف كيف يتعامل معها، كما
أن أسئلة الامتحان خير محض لمن أتقن الإجابة عليها.
ومن هذا الباب ما روي
عن أم سلمة قالت: استيقظ النبي a ذات ليلة، فقال:(
سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن؟ وماذا فتح من الخزائن؟ أيقظوا صواحب الحجر
فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة)[1]
ففي هذا الحديث جمع a بين الفتن والخزائن، ولم يحدد الحديث نوع الخزائن
المفتوحة لتشمل جميع ما يتصور من خزائن الثواب والعقاب، ولهذا دعا رسول الله a إلى إيقاظ أصحاب الحجر اغتناما لفرصة هذه الفتن لنيل أكبر نصيب من
الثواب.
والأمر في ذلك يشبه
إعلان جهة ما عن فتح مسابقة ترفع الناجح فيها إلى ما تهفو إليه نفسه من مناصب
ودرجات، فإن ذلك لا يدعو إلى القلق بقدر ما يدعو إلى الاستبشار والاجتهاد.
ولذلك لا نرى صحة ما
فسر به الحديث من أن المراد بالخزائن خزائن المال، وأنه ينشأ من فتحها فتنة المال،
بأن يتنافس فيه فيقع القتال بسببه، وأن يبخل به فيمنع الحق، أو يبطر فيسرف.
فليس في الحديث الشريف
ما يدل على هذا، بل إن في القرآن الكريم ما ينفي إرادة هذا، فقد قال تعالى:﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ
إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ ﴾ (الحجر:21) فأخبر أن خزائنه تعالى تشمل كل
شيء.
وأخبر تعالى
أن:﴿ لِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ (المنافقون: 7)،
ومن خزائنه